فصل: 3- زوال العقل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.2- النوم المستغرق:

الذي لا يبقى معه إدراك مع عدم تمكن المقعدة من الأرض، لحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
فإذا كان النائم جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لا ينتقض وضوءه، وعلى هذا يحمل حديث أنس رضي الله عنه قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الاخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون» رواه الشافعي ومسلم وأبو داود والترمذي، ولفظ الترمذي من طريق شعبة: «لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى لاسمع لاحدهم غطيطا، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون» قال ابن المبارك: هذا عندنا وهم جلوس.

.3- زوال العقل:

سواء كان الجنون أو بالاغماء أو بالكسر أو بالدواء وسواء قل أو كثر، وسواء كانت المقعدة ممكنة من الأرض أم لا، لأن الذهول عند هذه الاسباب أبلغ من النوم، وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء.

.4- مس الفرج بدون حائل:

لحديث يسرة بنت صفوان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مس ذكره فلا يصل حتى يتوضأ» رواه الخمسة وصححه الترمذي وقال البخاري وهو أصح شيء في هذا الباب، ورواه أيضا مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وقال أبو داود: قلت لأحمد: حديث يسرة ليس بصحيح؟ فقال: بل هو صحيح، وفي رواية لأحمد والنسائي عن يسرة: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ويتوضأ من مس الذكر» وهذا يشمل ذكر نفسه وذكر غيره، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أفضى بيده إلى ذكر ليس دونه ستر، فقد وجب عليه الوضوء» رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه هو وابن عبد البر، وقال ابن السكن: هذا الحديث من أجود ما روي في هذا الباب، وفي لفظ الشافعي «إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره، ليس بينها وبينه شيء فليتوضأ»، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم: «أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ» رواه أحمد، قال ابن القيم: قال الحازمي: هذا إسناد صحيح.
ويرى الأحناف أن مس الذكر لا ينقض الوضوء لحديث طلق: أن رجلا سأل النبي عن رجل يمس ذكره، هل عليه الوضوء؟ فقال: «لا، إنما هو بضعة منك» رواه الخمسة، وصححه ابن حبان، قال ابن المديني: هو أحسن من حديث يسرة.

.ما لا ينقض الوضوء:

أحببنا أن نشير إلى ما ظن أنه ناقض للوضوء وليس بناقض، لعدم ورود دليل صحيح يمكن أن يعول عليه في ذلك، وبيانه فيما يلي:

.1- لمس المرأة بدون حائل: فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وقال: «إن القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم» أخرجه إسحاق ابن راهويه، وأخرجه أيضا البزار بسند جيد.

قال عبد الحق: لا أعلم له علة توجب تركه.
وعنها رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من الفراض فالتمسته، فوضعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: «اللهم اني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم والترمذي وصححه، وعنها رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ»، رواه أحمد والأربعة، بسند رجاله ثقات، وعنها رضي الله عنها قالت: «كنت أنام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي» وفي لفظ «فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي» متفق عليه.

.2- خروج الدم من غير المخرج المعتاد:

سواء كان بجرح أو حجامة أو رعاف، وسواء كان قليلا أو كثيرا: قال الحسن رضي الله عنه: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم رواه البخاري، وقال: وعصر ابن عمر رضي الله عنهما بثرة وخرج منها الدم فلم يتوضأ.
وبصق ابن أبي أوقى دما ومضى في صلاته، وصلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجرحه يثعب دما.
وقد أصيب عباد بن بشر بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته، رواه أبو داود وابن خزيمة والبخاري تعليقا.

.3- القئ:

سواء أكان ملء الفم أو دونه، ولم يرد في نقضه حديث يحتج به.

.4- أكل لحم الإبل:

وهو رأي الخلفاء الأربعة وكثير من الصحابة والتابعين، إلا أنه صح الحديث بالأمر بالوضوء منه.
فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من لحوم الغنم؟..قال: «إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم توضأ من لحوم الإبل، قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: لا» رواه أحمد ومسلم، وعن البراء ابن عازب رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: «توضئوا منها» وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: «لا تتوضئوا منها» وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: «لا تصلوا فيها، فإنها من الشياطين» وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال: «صلوا فيها فإنها بركة» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان، وقال ابن خزيمة: لم أر خلافا بين علماء الحديث في أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل، لعدالة ناقليه، وقال النووي: هذا المذهب أقوى دليلا، وإن كان الجمهور على خلافه، إنتهى.

.5- شك المتوضئ في الحدث:

إذا شك المتطهر، هل أحدث أم لا؟ لا يضره الشك ولا ينتقض وضوءه سواء كان في الصلاة أو خارجها، حتى يتيقن أنه أحدث.
فعن عباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه قال: شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشئ في الصلاة؟ قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وجد أحدكم في نفسه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» رواه مسلم وأبو داود والترمذي، وليس المراد خصوص سماع الصوت ووجدان الريح، بل العمدة اليقين بأنه خرج منه شئ، قال ابن المبارك: إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقانا يقدر أن يحلف عليه، أما إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فإنه يلزمه الوضوء بإجماع المسلمين.

.6- القهقهة في الصلاة لا تنقض الوضوء:

لعدم صحة ما ورد في ذلك.

.7- تغسيل الميت:

لا يجب منه الوضوء لضعف دليل النقض.

.ما يجب له الوضوء:

يجب الوضوء لأمور ثلاثة:

.الأول: الصلاة مطلقا:

فرضا أو نفلا، ولو صلاة جنازة لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلوا، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول» رواه الجماعة إلا البخاري.

.الثاني: الطواف بالبيت:

لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير» رواه الترمذي والدارقطني وصححه الحاكم، وابن السكن وابن خزيمة.

.الثالث: مس المصحف:

لما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهله اليمن كتابا وكان فيه: «لا يمس القرآن إلا طاهر» رواه النسائي والدارقطني والبيهقي والاثرم، قال ابن عبد البر في هذا الحديث: إنه أشبه بالتواتر، لتلقي الناس له بالقبول، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلا طاهر» ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجاله موثقون فالحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف، إلا لمن كان طاهرا ولكن الطاهر لفظ مشترك، يطلق على الطاهر من الحدث الاكبر، والطاهر من الحدث الاصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولابد لحمله على معين من قرينة فلا يكون الحديث نصا في منع المحدث حدثا أصغر من مس المصحف، وأما قول الله سبحانه: {لا يمسه إلا المطهرون} فالظاهر رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون، وهو وهو اللوح المحفوظ، لأنه الاقرب، والمطهرون الملائكة، فهو كقوله تعالى: {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة} وذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن علي والمؤيد بالله وداود وابن حزم وحماد بن أبي سليمان: إلى أنه يجوز للمحدث حدثا أصغر من المصحف وأما القراءة له بدون مس فهي جائزة اتفاقا.

.ما يستحب له:

يستحب الوضوء ويندب في الاحوال الاتية:

.1- عند ذكر الله عزوجل:

لحديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ فرد عليه، وقال: «إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على الطهارة»، قال قتادة «فكان الحسن من أجل هذا يكره أن يقرأ أو يذكر الله عز وجل حتى يطهر» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وعن أبي جهيم بن الحارث رضي الله عنه قال: «أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى أقبل على جدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وهذا على سبيل الافضلية والندب.
وإلا فذكر الله عز وجل يجوز للمتطهر والمحدث والجنب والقائم والقاعد، والماشي والمضطجع بدون كراهة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه» رواه الخمسة إلا النسائي، وذكره البخاري بغير إسناد، وعن علي كرم الله وجهه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرئنا ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن السكن.

.2- عند النوم:

لما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن، ثم قل اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به،» قال فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت: «اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت: ورسولت، قال: لا...ونبيك الذي أرسلت» رواه أحمد والبخاري والترمذي، ويتأكد ذلك في حق الجنب، لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال يا رسول الله أينام أحدنا جنبا؟ قال: «نعم إذا توضأ».
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب، غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة» رواه الجماعة.

.3- يستحب الوضوء للجنب:

إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يعاود الجماع، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ»، وعن عمار بن ياسر «أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام، أن يتوضأ وضوءه للصلاة»، رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ» رواه الجماعة إلا البخاري، ورواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وزادوا «فإنه أنشط للعود».